تعين على قارئ كتاب "أرخبيل غولاغ" تأليف الكاتب المنشق ألكسندر سولجنيتسين، التوقف عند الكثير من التساؤلات، والإستفسارات حول الغرض الذي أراده الكاتب في إطلاع القارئ على دقائق المرحلة السوفييتية، وإبانة التجاوزات غير القانونية كافة، التي تمظهرت في أشكال مختلفة من التنكيل، والقهر السلطوي في مرحلة بناء الدولة السوفييتية، ويحار المرء أيضاً في معرفة كنه السبب، وحقيقة تلك الغاية، التي أرادها الكاتب من التعرض لتلك المرحلة، ولتاريخها غير المرئي بأسلوب شيق متميز، ومعرفة بالغة الدقة لجميع التفاصيل المحيطة بعمليات الإعتقال الممارسة على الجماعات السياسية المنظمة، وعلى مجمل الأحزاب، المغايرة لحزب الطبقة الواحدة، وعلى الفئات الشعوبية، والعرقية، والقومية، والدينية، والشخصيات المثقفة، وأصحاب الرأي والأدمغة غير المتأقلمة مع عملية البناء الأولي لكيان الدولة العمالية من العقد الثاني للقرن العشرن، دون الإلتفات إلى معتقدات هذه الفئات، وروح ودوافع مناهضتها، ومعارضتها، أو قل عدم إتساقها في منظومة التغيير الفكري، والتبدل الإجتماعي، الذي كان لا بد من أن ينتج عن الترهل السياسي لتحول الدول ذات المنظومات القروسطية، والفكر الذي يبرز عبر هذه العملية للتطور الفكري الإنساني، والذي قد يكون حلاً آنياً لمعضلة إجتماعية، يتأتى عنها، خلق معضلات أكثر تعقيدا