الشعر ليس بدءاً للوجود، بل هو بدء خلاق للعبارة عن إدراك تجربة الإنسان للوجود. والشعر المطلق هو الشعر الذي تتحقق فيه مختلف مستويات هذا الإدراك الوجودي. وهو المرقاة الوحيدة إلى الإعجاز القرآني المتحرر من كل أشكال الحلولية والوصولية ولا سيما الأنسوبة التأليهية الحالية، بما هي قلب العولمة المفسدة للعالمين الطبيعي والخلقي.
وأبو يعرب المرزوقي في كتابه هذا يتناول دراسة يحاول من خلالها استخراج القانون الذي حكم علاقة أزمات الشعر بالنقد عند العرب، سابقاً وراهناً، معتبراً أن هذه الأزمات هي أعراض لأمراضٍ دفينة أصابت قيومية الوجود العربي الحضاري عامة؛ لأن الشعر العربي اليوم، وخلافاً لما يتصوره أصحابه، ولا سيما المنظّرون منهم، في وضع لا يحسد عليه؛ إنه مثل الوجود العربي الحضاري كله، عقد من الجثث التي لا يربط بينها إلا النظام الخارجي المستمد من نظام الأشكال الشعرية الغربية، الحيّة عن أصحابها، الميتة بل التي شبعت موتاً عند مقلديها من الشعراء العرب