السجن مكان راكد، لكن نوال السعداوي داخل السجن لم تكن هكذا، فقد عرفت داخله اللون الحقيقي لكل الأشياء، واكتشفت أجمل الألوان وأجمل البشر، وأقبح البشر أيضاً، إلا أنها رأت أن شيئاً واحداً يكتسح كل الألوان: الأمل بانكسار الأبواب والقضبان والأقفال والانطلاق في الجو كعصفور يغرد... الأمل هو الثورة وهو تغريد العصفور الحرّ... لكنها ما زالت لا تملك حريتها في هذا السجن... ولكنها كتبت... مذكراتها عن هذا السجن، كتبت عن الصراعات التي صخبت في رأسها من خلال تلك التي هي في خارج السجن وفي داخله، وفي داخلها أيضاً... تلك الصراعات المتلاطمة جعلتها تقول شيئاً ربما حسبتها كلمات لا تعني شيئاً... ولكنها رغم ذلك حلمت بالثورة من خلال هذه الكلمات المنطلقة كرصاص من مسدس، من داخلها، أطلقتها على هذه الأوراق