لمْ يَكُنِ اخْتيارُ «مارون عبُّود» لِشَخصيَّةِ القَيصَرِ الرُّومانيِّ «توادوسيوس» بَطلًا لِهَذِهِ المَسرحيَّةِ — التي تُجسِّدُ بَعضَ مَشاهِدِ خِتامِ الإِمبراطُورِيَّةِ الرُّومانيَّةِ المُوحَّدَةِ قبْلَ انقِسامِها — نابِعًا فقَطْ مِن تَقْديرِهِ هَذا الحاكِمَ العَظيمَ كآخِرِ حُكَّامِ الإِمبراطُوريَّةِ المُوحَّدَة، بلْ إنَّ عَناصِرَ الجَذبِ والتَّشْويقِ الأَدَبيِّ الَّتي اشتَمَلَتْ علَيْها شَخصيَّتُه أعمَقُ مِنَ المَدَى الَّذي بلَغَه سُلطانُه، ولا تَقِلُّ فِي أَهمِّيَّتِها عَنِ الأهمِّيَّةِ البالِغةِ لنُقطَةِ التَّحوُّلِ الَّتي مثَّلَتْها وَفاتُه واقْتِسامُ ولَدَيْهِ مُلْكَهُ مؤسِّسَيْنِ دولتَيْنِ مُنفَصِلتَيْن؛ شَرقيَّةً وغَربيَّة. إنَّ أهَمَّ مَا مَيَّزَ «توادوسيوس» القَيصَرَ العادِلَ — فِي نَظرِ المؤلِّف — صَوْلاتُه وجَوْلاتُه ضِدَّ الوَثَنيَّة، وانْتِصارُهُ للمَسيحيَّةِ وعَقِيدةِ التَّوحِيد، ولكِنَّ هذِهِ المَزِيَّةَ الَّتي كانَتْ لَه كانَتْ عَلَيهِ أيْضًا؛ فحَربُهُ عَلى الوثَنيِّينَ اجتَثَّتْ في طَريقِها الكَثيرَ مِنَ الأَرْواحِ البَرِيئَة، فكَثُرَ مُعارِضُوه، وتعالَتْ أَصْواتُ الثَّائِرِينَ عَلَيْه وعَلَى فَظائِعِ آلَتِهِ الحَربيَّة. فهَلْ يَثُوبُ «توادوسيوس» إِلى رُشْدِه، ويُوازِنُ كِفَّتَيِ المِيزانِ قبْلَ فَوَاتِ الأَوَان؟