وشرع الحاج يشرح لإيفيم كيف كان يمكنه الصعود إلى السفينة دون أن يدفع الأجرة، لكن إيفيم أبي الإصغاء إليه وقال له: "كلا! لقد جئت مستعداً للدفع وسأدفع". ثم حملت السفينة، وصعد الحجاج إلى متنها، وبينهم إيفيم ورفيقه الجديد. ثم رفعت المراسي، وأقلعت السفينة. أبحروا طوال النهار إبحاراً هادئاً، ولكن قبيل الليل هبت ريح شديدة، وهطل المطر، فأخذت السفينة تترنح ودخلها الماء، فذعر المسافرون، وراحت النساء يولولن ويصرخن، وأخذ بعض الرجال غير الأشداء يركضون في السفينة من جهة إلى أخرى بحثاً عن ملجأ. وذعر إيفيم أيضاً، إلا أنه تمالك نفسه، وبقي حيث استقر لما صعد إلى متن السفينة أولاً، على مقربة من بعض الشيوخ الآتين من تاميوف، فهناك قعدوا صامتين، طوال الليل والنهار التالي، متشبثين بأكياسهم، وفي اليوم الثالث هدأ البحر، ثم في الخامس رست السفينة في القسطنطينية، ونزل منها بعض الحجاج لزيارة كنيسة آيا صوفيا التي كانت تحت سيطرة الأتراك آنذاك. أما إيفيم فبقي على متن السفينة، لكنه اشترى شيئاً من الخبز الأبيض. وبعدما توقفت السفينة هناك أربعاً وعشرين ساعة، أبحرت من جديد، كذلك توقفوا أيضاً في سميرنا وفي الإسكندرية، لكن أخيراً وصلوا إلى يافا سالمين. وهناك كان على جميع الحجاج أن ينزلوا، ويسيروا على البر فوق ستين كيلومتراً حتى يصلوا إلى القدس. وعند النزول من السفينة أصابهم الذعر أيضاً. فقد كانت السفينة عالية، ودلي المسافرون منها إلى قوارب كانت تترجح كثيراً بحيث كان سهلاً أن يقعوا في البحر إذا تدلوا خارج القارب. وقد تبلل اثنان منهم فعلاً، لكنهم أخيراً وصلوا جميعاً إلى البر بسلام".
بأسلوبه العذب يسترسل تولستوي في سردياته المفعمة بالروحانيات والإيمانيات. ثلاث وعشرون حكاية ضمّها هذا الكتاب وتمّ تصنيفها ضمن أقسام سبعة تبعاً لمحاورها فكانت على التوالي: 1-حكايات للصغار، 2-قصص شعبية، 3-حكاية من حكايات الجن، 4-حكايات كتبت للسينما، 5-حكايات شعبية مروية من جديد، 6-حكايتان مقتبستان من الإفرنسية، 7-قصص تهدف إلى معونة المضطهدين