فى الكتاب السابق قرأت الترجمة الكاملة الأمينة للجزء الأول من هذه الرواية الخالدة ، التى رفعت مؤلفها الروائى الفرنسى الشهير ( جوستاف فلوبير ) إلى مصاف كبار أدباء العالم ، وإن كان قد أصيب من جراء رومانسية بطلة الرواية ( إيما بوڤارى ) بلون من الاكتئاب النفسى دفعه إلى الحضور إلى مصر والتجوال فى أنحائها بصحبة صديقه ( ماكسيم دى كامب ) لمدة ستة أشهر ، تابعت خلالها إمبراطورة فرنسا الشهيرة ( أوجينى ) أنباءهما باهتمام وانبهار ، حتى شقى ( فلوبير ) بتأثير شمس مصر وسمائها الصافية من اكتئابه ، وعاد إلى بلاده ليكمل مسيرته الأدبية ويستمتع بالشهرة التى حظى بها نتيجة لنجاح ورواج هذه الرواية الخالدة !
على أن حُساده ومنافسيه لم يكفوا عن مهاجمته بتهمة ( الواقعية ) الصرفة التى التزمها فى تصوير خلجات بطلة القصة ونوازعها ، مما اضطرت السلطات إلى تقديمـه للمحاكمة الجنائية بتهمـة انحيازه لمذهب ( الفن للفن ) ضد مذهب ( الفن فى خدمة المجتمع ) الذى ينادى به المتزمتون من أعداء ( الواقعية ) التى تصور الحياة كما هى فى حقيقتها ، لا الحياة كما ينبغى أن تكون .
وقد رأيت أن أنشر لك فى ختـام هذا الجزء الثانى والأخير من الرواية تفاصيل تلك المحاكمة جنـح باريس خلال الأيام من 31 يناير إلى 7 فبراير عام 1857م والتى انتهت بتبرئة مؤلف الرواية وتسجيل احترامه للآدب العـامة والمقاييس الخلقيـة والدينية .. وبذلك أسدل الستار على ذلك الاتهام ورد اعتبار المؤلف